استشهاد الصحابي ميثم التمار… العارف بعلوم المنايا والبلايا

0

اسمه أبو سالم ميثم بن يحيى الأسدي، عراقي المولد وبالتحديد في مدينة النهروان، ومن سكان مدينة الكوفة، يكنى بالتمار نسبة لمهنته حيث يبيع التمر، ولد في القرن الهجري الأول في أطراف قرى النهروان، فكان من الطبقة الأولى من التابعين، حيث أنه صحب الإمام علي عليه السلام واستمر بولائه له من خلال صحبته ونصرته للإمامين الحسن المظلوم والحسين الشهيد عليهما السلام، كما عمل في شرطة الخميس، وتأمر عليهم في في النهروان.

وكان ميثم عبدا لامرأة اسدية، فاشتراه امير المؤمنين علي عليه السلام ليعتقه، وسأله، مأ اسمك» قال: سالم، فسأله أمير المؤمنين عليه اسلام: أخبرني رسول الله صلوات الله عليه وآله بأنّ اسمك الذي سمّاك به أبواك في العجم ميثم، فقال ميثم: صدق الله ورسوله، وصدقت يا أمير المؤمنين، والله إنّه لاسمي، قال: فارجع إلى اسمك الذي سمّاك به رسول الله صلى الله عليه وآله ودع سالما»، فرجع الى اسمه الأول وتكنى بأبي سالم، ثم لازم ميثم الإمام علي عليه السلام وصار كظله، يحذو خلفه حذو الفصيل أثر أمه، مكتسبا بذلك العلوم والمعارف العلوية السامية مما لم يكتسبها إلا صفوة حواريي أمير المؤمنين عليه السلام حسبما أبداه من استعداد وقابلية، متحصلا بذلك على اسرار خفية وأخبار غيبة عظيمة الشأن.

تزوج التمار امرأة اسدية كوفية، أنجبت له شعيبا الذي صار من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام، وصالحا الذي صاحب الإمام الباقر والإمام الصادق عليهما السلام، وعمرانا الذي صاحب الإمام زين العابدين والإمام الصادق عليهما السلام. أمتاز التمار بكونه خطيبا مفوها ومتكلما بليغا، بل أنه من المتبحّرين في تفسير القرآن الكريم، حتى قال لأبن عباس عن نفسه: «سلني ما شئت من تفسير القرآن، فإنّي قرأت تنزيله على أمير المؤمنين عليه السلام، وعلّمني تأويله». كما امتاز بصدقه وورعه في رواية الحديث النبوي الشريف، فضلا عن روايته لأحاديث الإمام علي عليه السلام.

ناهيك عن فراسته وصفاء سريرته التي أهلته بأن يكون عالما بعلم المنايا والبلايا، مستفيدا مما علمه إياه أمير المؤمنين علي عليه السلام، وقد يروى عنه في هذا الصدد، أنه مرّ على فرس له، مستقبلا حبيب بن مظاهر الأسدي في واحد من مجالس بني أسد، فتحدّثا حتّى اختلفت بينهما أعناق فرسيهما، فقال حبيب لميثم رضوان الله تعالى عليهما: «لكأنّي بشيخ أصلع، ضخم البطن، يبيع البطّيخ عند دار الرزق، قد صُلب في حُبّ أهل بيت نبيّه عليهم السلام، يُبقر بطنه على الخشب»، فقال له ميثم: «وإنّي لأعرف رجلاً أحمر له صفيدتان، يخرج لينصر ابن بنت نبيّه فيُقتل، ويُجال برأسه في الكوفة»… ثمّ تفرقا عن مجلسهما، وصار بعدهما لغطا في القول، ورأى أهل المجلس فيهما بأنهما كاذبين، وقالوا: «ما رأينا أحداً أكذبُ من هذين»، فقدم للمجلس رُشيد الهجري رضوان الله تعالى عليه في طلبهما، فقيل له أنهما افترقا بعد قولهما هذا، فقال لهم الهجري رضوان الله تعالى عليه: «رحم الله ميثماً، أنه نسي: «ويُزاد في عطاء الذي يجيء بالرأس مائة درهم، ثمّ ترك المجلس، فقال أهل المجلس بأنه أكذبهم! وما أن ذهبت الأيّام والليالي حتّى صلب ميثم على دار عمرو بن حُريث، وجيء برأس حبيب بن مظاهر قد قُتل مع الإمام الحسين عليه السلام.

من جهة أخرى، عُرف التمار بصدق قوله والجهر به، حتى عُد مذياعا لفضائل أهل البيت عليهم السلام، فضلا عن فضحه لمخازي بني أمية لا سيما معاوية ومن سار خلفه، حتى أنه صُلب في ذلك، بعد أن أمعن في تبيان فضائل بني هاشم، فاشتكى الشرطة للطاغية أبن زياد، مدعين بأن ميثما قد فضح البلاط الأموي، فأمر بإلجامه، فكان بذلك أوّل خَلق اللهِ أُلجِم في الإسلام، فضلا عن صلبه وقتله، حسبما وصف له ذلك أمير المؤمنين عليه السلام قائلا: «والله لتقطعن يداك ورجلاك ولسانك، ولتقطعن النخلة التي بالكناسة، فتشق أربع قطع، فتصلب أنت على ربعها، وحُجر بن عَدي على ربعها، ومحمّد بن أكثم على ربعها، وخالد بن مسعود على ربعها»، فقال ميثم: «فشككت في نفسي وقلت: إنّ علياً ليخبرنا بالغيب! فقلت له: أو كائن ذاك يا أمير المؤمنين؟ فقال: إي وربّ الكعبة، كذا عهده إليّ النبي صلى الله عليه وآله».

بل ان الإمام علي عليه السلام أراه النخلة التي يصلب على جذعها، فكان ميثم يأتيها ليصلّي عندها ويقول: «بوركت من نخلة، لك خلقت ولي غذيت»، حتى أنه قال لعمرو بن حريث: «نّي مجاورك فأحسن جواري»، فرد عليه عمرو: «أتريد أن تشتري دار ابن مسعود أو دار ابن حكيم؟»، حتى صارت شهادته وعلم الجميع مقصد ميثم.

كما يروى أن ميثما قد زار مكة المكرمة للحج فذ ذات السنة التي خرج فيها الحسين عليه السلام من المدينة الى مكة ثم الى كربلاء، فدخل التمار على أم سلمة رضي الله عنها، فعرب نفسه، فقالت له: «والله لربما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يذكرك ويوصي بك علياً في جوف الليل»، فسألها عن الإمام الحسين عليه السلام فقالت: هو في حائط له، قال: أخبريه اني قد أحببت السلام عليه، ونحن ملتقون عند رب العالمين ان شاء الله، فدعت وطيبت لحيته، فقال لها: أما والله لئن دهنتيها لتخضبن فيكم بالدماء، فقالت أم سلمة: كثيراً ما رأيت الحسين عليه السلام يذكرك، فقال ميثم: انا كذلك أذكره كثيراً واني مستعجل وقد قدر لي وله أمراً لابد من الوصول اليه، فلما خرج رأى ابن عباس جالساً فقال له: يا ابن عباس سلني ما شئت من تفسير القرآن فاني قرأت تنزيله على أمير المؤمنين عليه السلام وعلمني تأويله، فطلب ابن عباس دواة وقرطاس فأقبل يكتب، فقال له ميثم: يا ابن عباس كيف بك اذا رأيتني مصلوباً تاسع تسعة أقصرهم خشبة وأقربهم بالمطهرة؟ فقال له: وتكهن أيضاً؟ وخرق الكتاب، فقال له ميثم: مه احفظ بما سمعت مني فان بك ما أقول لك حقاً امسكته وان يك باطلاً حرقته.

ويروى أن عبيد الله بن زياد دخل الكوفة وشاهد نخلة الكناسة فتطيّر منها، وامر بقطعها، فاشتراها رجل من النجّارين فشقّها أربع قطع، فأمر ميثم ابنه صالح بأن يأخذ مسماراً من حديد لينقش عليه اسم ميثم ويدقه على جذعها، ، فما أم مرت أيام حتى اجتمع الناس عند ميثم مطالبيه بالنهوض معهم ضد عامل السوق مطالبين بعزله وتكليف غيره، فقام التمار خطيبا بينهم، وقد حاز اعجاب الجميع، ألا ابن حريث الذي ألب عليه أبن زياد بالقول: «هذا ميثم التمّار الكذّاب مولى الكذّاب علي بن أبي طالب»، فخيره أبن زياد بالتبريء من الإمام علي عليه السلام، وتبيان مساوئه، أو تقطيع يديه ورجليه ومن ثم صله، فبكى التمار، فأستهزئ بع ابن زياد قائلا: » بكيت من القول دون الفعل»، فأجباه: «والله ما بكيت من القول ولا من الفعل، ولكن بكيت من شك كان دخلني يوم خبّرني سيّدي ومولاي بذلك فأجابه ابن زياد: «صدقت، وأنت والله لتقطعن يداك ورجلاك ولسانك ولتصلبن»، فقال له التمار، أن الإمام علي عليه السلام ابلغه بذلك وأن الذي يقتله هو العتل الزنيم ابن الأمة الفاجرة عبيد الله بن زياد، فامتلأ ابن زياد غيظاً فقال: والله لأقطعن يديك ورجليك ولأدعن لسانك حتّى أكذّبك وأكذّب مولاك، فأمر به فقطعت يداه ورجلاه، ثمّ أمر أن يترك، ولكن عمرو بن حريث حرض عليه ثانية بعد أن وجده يحدث الناس عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، فانصرف مسرعاً لبن زياد قائلا: أصلح الله الأمير… بادر فابعث إلى هذا مَن يقطع لسانه، فإنّي لست آمن أن يغيّر قلوب أهل الكوفة فيخرجوا عليك، فالتفت ابن زياد للحرس قائلا: «اذهبوا فاقطعوا لسانه»، فأتاه احد الحراس ، وقال له: » يا ميثم، أخرج لسانك فقد أمرني الأمير بقطعه»، فقال له التمار: «أ لا زعم ابن الأمة الفاجرة أنّه يكذّبني ويكذّب مولاي، هاك لساني»، فقطع الحارس لسان التمار وتشحطّ ساعة في دمه ثمّ مات، وأمر به فصلب، فقال ابنه صالح: «مضيت بعد ذلك أيّام، فإذا ميثم قد صلب على الربع الذي كنت دققت فيه المسمار»، وبه في توفي التمار شهيدا في الثاني والعشرين من ذي الحجّة من العام 60، قبل وصول الإمام الحسين عليه السلام إلى كربلاء بفترة قصيرة، ودفن في مدينة الكوفة حيث قبره اليوم.

ومن عظيم ما قاله أئمة أهل البيت عليهم السلام في التمار ما يلي:

ـ قال أمير المؤمنين عليه السلام: «كيف أنت يا ميثم إذا دعاك دعي بني أُمية ابن دعيّها عبيد الله بن زياد إلى البراءة منّي؟ فقال: يا أمير المؤمنين، أنا والله لا أبرأ منك، قال: إذاً والله يقتلك ويصلبك، قلت: أصبر فذاك في الله قليل، فقال: يا ميثم، إذاً تكون معي في درجتي».

ـ قال الإمام الباقر عليه السلام لصالح بن ميثم: «إنّي أُحبّك وأُحبّ أباك حبّاً شديداً».

ـ قال الإمام الكاظم عليه السلام: » إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وآله، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر، ثمّ ينادي مناد: أين حواري علي بن أبي طالب عليه السلام، وصيّ محمّد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وآله؟ يقوم…وميثم بن يحيى التمّار… فهؤلاء المتحوّرة أوّل السابقين، وأوّل المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من التابعين».

#ديموغرافيا_إسلامية

http://islamwhy.com/contents/view/details?id=525&cid=0

DEJA UNA RESPUESTA

Escribe tu comentario
Escribe tu nombre aqui

Este sitio usa Akismet para reducir el spam. Aprende cómo se procesan los datos de tus comentarios.