ذكرى استشهاد الإمام الجواد (عليه السلام) معجزة إلهيّة خالدة

0

السِّيرة والإعجاز: ملامح عامّة

* هو الإمام محمّد بن عليّ الرِّضا عليهما السلام، وجدّه الكاظم موسى بن جعفر الصّادق بن محمّد الباقر بن عليّ السجّاد زين العابدين بن الحسين السِّبط الشّهيد بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام.

* تاسع الأئمّة الإثني عشر الذين سمّاهم رسول الله صلّى الله عليه وآله، وأكّد ارتباط بقاء الإسلام والحياة على وجه الأرض بهم بإذن الله تعالى.

* ولادته: وُلد عليه السلام في العاشر من شهر رجب (وقيل ليلة الجمعة في النصف من شهر رمضان أو لسبع عشرة ليلةٍ منه) من سنة خمس وتسعين ومائة، وكانت ولادته في المدينة المنوّرة.

وغمرت الإمام الرِّضا عليه السلام موجات من الفرح والسُّرور بوليده المبارك، وقال: «قد وُلد لي شبيهُ موسى بن عمران، فالق البحار، وشبيه عيسى بن مريم، تقدّست أُمٌّ ولدَته، قد خُلقت طاهرة مطهّرة».

* والدته عليه السلام: هي من أهل بيت أمّ المؤمنين مارية القبطيّة، نوبيّة مريسيّة، وسمّاها  الإمام الرضا عليه السلام خيزران.

وصفها رسول الله صلّى الله عليه وآله بأنّها خيرة الإماء الطيِّبة. وقال العسكري عليه السلام: «خُلقت طاهرة مطهّرة وهي أُم ولد تُكنّى بأُمّ الجواد، وأُم الحسن، وكانت أفضل نساء زمانها».

يدلُّ على مكانتها، وجلالة قدرها أيضاً، أنّ الإمام الكاظم موسى بن جعفر عليه السلام طلب من يزيد بن سليط أن يبلّغها منه السلام إن استطاع إلى ذلك سبيلاً، فقد ورد في الخبر أنّ الإمام الكاظم عليه السلام التقاه في طريق مكّة وهم يريدون العمرة، فقال له: «إنّي أُؤخذ في هذه السّنة، والأمر إلى ابني عليّ سَمِيّ عليٍّ وعليّ. فأمّا عليّ الأوّل فعليّ بن أبي طالب عليه السلام، وأمّا عليّ الآخر فعليّ بن الحسين. يا يزيد، فإذا مرَرْت بالموضع ولقيتَه -وستَلقاه- فبشِّره أنّه سيُولد له غلامٌ أمين مأمونٌ مبارك، وسيُعلمك أنّك لقيتني، فأخبره عند ذلك أنّ الجارية التي يكون منها هذا الغلام، جارية من أهل مارية القبطيّة جارية رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وإن قدرتَ أن تبلّغها منّي السّلام، فافعل ذلك».

* وفي خبر آخر أورده المحدِّث الشيخ حسين بن عبد الوهاب في (عيون المعجزات) عن كلثم بن عمران، قال: «قلت للرِّضا عليه السلام: أدعُ الله أن يرزقك ولداً، فقال: إنّما أُرزق ولداً واحداً وهو يرثُني».

* كنيته: كُنّي الإمام الجواد عليه السلام، بأبي جعفر من يوم مولده، وما كان الإمام الرِّضا عليه السلام يدعوه إلَّا بها، وهي الكنية المشهور بها، ثمّ عرّفه الرواة والمحدِّثون بـ«أبي جعفر الثاني» لتمييزه عن الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام.

* ألقابه الشريفة: تميّز إمامنا الجواد عليه السلام بألقاب عديدة، من أخصّها به قديماً لقب «التّقيّ» ثمّ بعد ذلك «الجواد»، قال ابن شهر آشوب:

فديتُ إمامي أبا جعفرٍ   جواداً يُلقّب بـالتاسعِ

* تكلُّمه في المهد: عندما وُلد الإمام الجواد عليه السلام، تشهّد الشّهادتين، وحمد الله تعالى وصلّى على الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله والأئمّة الراشدين.

عن حكيمة بنت الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام: «.. لمّا ولدته أمّه، قال: أشهد أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمّداً رسول الله. فلمّا كان اليوم الثالث، عطس، فقال: الحمد لله، وصلّى الله على محمّد وعلى الأئمّة الراشدين».

وروي عن السيدة حكيمة أيضاً: «.. لمّا كان في اليوم الثالث رفع بصره إلى السماء، ثمّ نظر يمينه ويساره، ثمّ قال: أشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله، فقمتُ ذعرة فزعة، فأتيت أبا الحسن عليه السلام، فقلت له: لقد سمعتُ من هذا الصبيّ عجباً. فقال: وما ذاك؟ فأخبرته الخبر، فقال: يا حكيمة، ما تَرون من عجائبه أكثر».

عندما ولد الإمام الجواد عليه السلام، تشهّد الشهادتين، وحمد الله تعالى وصلّى على الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله والأئمّة الراشدين.

* أولاده عليه السلام: ذكر الشيخ المفيد رحمه الله: أنَّ الجواد عليه السلام خلّف بعده من الولد عليّاً ابنه الإمام من بعده، وموسى، وفاطمة وأُمامة ابنتَيه. ونقل ابن شهراشوب عن الشيخ الصّدوق أنّ بناته عليه السلام هنَّ: حكيمة وخديجة وأم كلثوم. وزاد عليهنّ السيّد ضامن بن شدقم في (تحفة الأزهار): فاطمة. وفي (الشجرة الطيِّبة) للمدرّس الرضوي المشهدي أنّ بنات الإمام الجواد عليه السلام: زينب، وأم محمّد، وميمونة، وخديجة، وحكيمة، وأم كلثوم.

* السيدة حكيمة بنت الإمام الجواد عليه السلام: جليلة القدر، رفيعة المقام، عالية الشَّأن. أوكَلَ إليها أخوها الإمام الهادي عليه السلام السيّدة نرجس كي تعلّمها معالم الدِّين، وأحكام الشريعة.

وزوّج الإمام الهادي عليه السلام السيّدة «نرجس» من ولده الإمام العسكري عليه السلام فأنجبت له الإمام المهدي عليه السلام وقامت حكيمة بمهمّة القابلة لأُمّه ليلة ولادته. وكان للسيّدة حكيمة دور مهمّ بعد استشهاد الإمام الحسن العسكري عليه السلام، حيث كانت تقوم بدور السّفارة بين الشّيعة وبين الإمام المهدي عليه السلام في غيبته الصغرى، فكانت تقوم باستلام الكُتب والمسائل وتوصلها إلى الإمام عليه السلام، ثمّ تستلم منه توقيعاته الشّريفة وتوصلها إلى النّاس.

وتروي السيّدة حكيمة حرز الإمام الجواد عليه السلام. وقد توفّيت هذه السيّدة الجليلة في مدينة سامرّاء، ودُفنت بجوار قبرَي الإمامَين العسكريَّين عليهما السلام، وقبرها مشهور معروف، وقد ذكرها الشيخ المفيد في (الإرشاد)، في ثاني خبر له في باب «ذِكر مَن رأى الإمام الثاني عشر عليه السلام»، وأورد عن موسى بن محمّد ابن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر، قال: «حدَّثتني حكيمة بنت محمّد بن عليّ -وهي عمَّة الحسن عليه السلام- أنّها رأت القائم عليه السلام ليلة مولده، وبعد ذلك.

* موسى المُبرقَع: إبن الإمام الجواد عليه السلام،  موسى المعروف بالمُبرقع،  ينتهي إليه نَسَب السَّادة الرضويِّين، فقد عاش في المدينة، وبعد شهادة أبيه انتقل إلى الكوفة فسكنها مدة، ثمّ هاجر إلى قم فوردها سنة 256 هجريّة قاصداً استيطانها، فكان أوّل سيّد رضوي يحلّ في هذه المدينة، وكان من أهل الحديث والدّراية. توفي في ربيع الآخر سنة 296 هجريّة ودُفن في بيته.

*شهادته عليه السلام: كانت شهادة الإمام الجواد عليه السلام في آخر شهر ذي القعدة من سنة عشرين بعد المائتين، وقد دُفن مع جدّه الإمام الكاظم عليه السلام، في الكاظميّة بالعراق قرب بغداد، وتُعرف بـ«الكاظمين» نسبة إليهما عليهما السلام.

* إمامته عليه السلام: قام الإمام الجواد عليه السلام، بأعباء الإمامة العامّة وهو في السابعة من عمره الشريف، كما تقلّد النّبيّ عيسى بن مريم عليه السلام النبوّة وهو في المهد.

* لقد ثبت من خلال هذه الإمامة المبكرة صحّة ما تذهب إليه الشّيعة الإماميّة في الإمامة بأنّه منصبٌ إلهيّ يَهبه الله لمَن يشاء ممّن جمع صفات الكمال في كلّ عصر، فقد أذعن له عليه السلام -وهو ابن سبع سنين أو حواليها- كبار العلماء والفقهاء والرواة وانتهلوا من نمير علمه، وروَوا عنه الكثير من المسائل العقائديّة -الفلسفيّة والكلاميّة- والفقهيّة والتفسيريّة، إلى جانب عطائه في سائر مجالات المعرفة البشريّة.

* يدلّ استشهاد الإمام الجواد عليه السلام، وهو في الخامسة والعشرين من عمره الشريف، على مدى نجاحه في حركته وتخطيطه، حيث أربك حضوره في السَّاحة الإجتماعيّة الإسلاميّة الحكّام الطغاة واضطرّهم لاغتياله.

مراحل حياة الإمام الجواد عليه السلام

  • المرحلة الأولى: سبع سنوات وهي حياته في عهد أبيه الرضا عليه السلام حيث ولد سنة 195 هجريّة -وفي حكم محمّد الأمين العبّاسي- واستُشهد الإمام الرِّضا عليه السلام في صفر من سنة 203 هجريّة.
  • المرحلة الثّانية: خمس عشرة سنة وهي حياته بقيّة حكم المأمون من سنة 203 هجريّة إلى سنة 218 هجريّة.
  • المرحلة الثّالثة: حياته بعد حكم المأمون وقد بلغت حوالي سنتين من أيّام حكم المعتصم أي من سنة 218 إلى 220 هجريّة.

الإمام الجواد والتأسيس للمهدويّة

يختلف تأسيس الإمام الجواد عليه السلام للمهدويّة عن تأسيس أيّ من المعصومين عليهم السلام لها، وذلك أنّ وجود الإمام الجواد عليه السلام نفسه بإمامته المبكرة، هو في حدّ ذاته تأسيس خاصّ جداً لحقيقة إمامة المهديّ المنتظَر في صغر سنّه.

صحيح أنّ التأسيس بهذا المعنى متحقِّق من خلال نبوّة النبيَّين عيسى ويحيى عليهما السلام، إلَّا أنّ تأسيس الإمام الجواد للمهدويّة يمتاز بعنصرَين لم يكونا متوفِّرَين في تأسيس نبوّة النّبيَّين الكريمَين لظاهرة المهدويّة الإلهيّة. هذان العنصران هما:

1- أنّ الإمام الجواد ليس نبيّاً، بل هو إمام كما أنّ المهدي المنتظر إمام.

2- التّقارب الزّمني بين الإمام الجواد وحفيده الإمام المهدي، وهو أمر يجعل التّمهيد عمليّاً جداً، فقد بدأت- آنذاك- تقترب مرحلة الحاجة الماسّة إليه.

وجود الإمام الجواد عليه السلام نفسه بإمامته المبكرة، هو في حدِّ ذاته تأسيس خاصّ جداً لحقيقة إمامة المهديّ المنتظَر في صغر سنّه.

  • بالإضافة إلى ما تقدّم من هاتين الميزتَين وهذين العنصرَين التأسيسيَّين، فإنّ الإمام الجواد عليه السلام قد اعتنى -كآبائه وأجداده عليهم الصلاة والسلام- بتركيز قضيّة المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، في الأُمّة لإعدادها لاستقبال يومه، ونذكر فيما يأتي نماذج من هذه الدّعوة:

1- قال اسماعيل بن بزيع: سألته -يعني أبا جعفر الثاني عليه السلام- عن شيءٍ من أمر الإمام، فقلت: يكون الإمامُ ابنَ أقلّ من سبع سنين؟ فقال: «نعم، وأقلّ من خمس سنين».

ينبغي التنبُّه إلى إشارته عليه السلام من خلال تحديد الخمس سنين إلى إمامة الإمام المهدي عليهما السلام.

2- عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسني رضي الله عنه قال : «قلتُ لمحمّد بن عليّ بن موسى عليهم السلام: يا مولاي، إنّي لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمّد الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً. فقال عليه السلام: ما منّا إلّا قائمٌ بأمر الله، وهادٍ إلى دين الله. ولكنّ القائم الذي يُطهّر الله به الأرض من أهل الكفر والجحود، ويملأها قسطاً وعدلاً، هو الذي يَخفى على الناس ولادتُه، ويغيب عنهم شخصُه، ويحرم عليهم تسميتُه، وهو سميُّ رسول الله وكنيُّه، وهو الذي تُطوى له الأرض، ويذلُّ له كلّ صعب، يَجتمع اليه من أصحابه عدّة أهل بدر: ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً من أقاصي الأرض، وذلك قول الله عزّ وجلّ: ﴿..أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعاً إن الله على كل شيء قدير﴾ البقرة:148. فإذا اجتمعت له هذه العدّة من أهل الإخلاص، أظهر الله أمره، فاذا كمل له العقد وهو عشرة آلاف رجل، خرج بإذن الله تعالى، فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله عزّ وجلّ».

3- عن أبي تراب عبدالله موسى الروياني، قال: «حدَّثنا عبدالعظيم بن عبدالله بن عليّ بن الحسن بن زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام الحسني، قال: دخلتُ على سيِّدي محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام وأنا أريد أن أسأله عن القائم أهو المهدي أو غيره، فابتدأني فقال لي: يا أبا القاسم، إنّ القائم منّا هو المهدي الذي يجب أن يُنتظر في غيبته، ويُطاعَ في ظهوره، وهو الثّالث من ولدي، والذي بعث محمّداً صلّى الله عليه وآله بالنبوّة وخصّنا بالإمامة، إنّه لو لم يبقَ من الدّنيا إلّا يومٌ واحد، لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج فيه فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، وإنّ الله تبارك وتعالى ليصلح له أمرُه في ليلة، كما أصلح أمر كليمه موسى عليه السلام، إذ ذهب لِيَقتبس لأهله ناراً فرجع وهو رسولٌ نبيٌّ، ثمّ قال عليه السلام: أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج».

* (أعلام الهداية: الإمام الجواد، إصدار المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام، بتصرّف وإضافة؛

الإمام محمّد الجواد عليه السلام: سيرة وتاريخ، السيّد عدنان الحسيني، مركز الرسالة، بتصرّف)

Sobre el martirio del Imam al-Yawad

Muhammad ibn Ali al-Yawad (811-835) era descendiente del Profeta Muhammad y el noveno de los Doce Imames, sucediendo su padre, Ali al-Rida. Es conocido como al-Yawad (el Generoso) y  al-Taqi (el Piadoso). Al igual que muchos de sus predecesores, al-Yawad se mantuvo al margen de  la política y se dedicó a la enseñanza, en especial sobre la jurisprudencia y la tradición islámica. Al- Yawad organizó los asuntos de los chiíes a través de una gran red de representantes (wukala´). Sus dichos en temas como la jurisprudencia y el hadiz han sido recopilados. En estos días de junio, celebramos el aniversario de su martirio.

DEJA UNA RESPUESTA

Escribe tu comentario
Escribe tu nombre aqui

Este sitio usa Akismet para reducir el spam. Aprende cómo se procesan los datos de tus comentarios.